( التربية في المجتمعات الحديثة البدائية )


( التربية في المجتمعات الحديثة البدائية )

ان للثقافات صفات يمكن إحياؤها بنفس الوسيلة التي يحافظ عليها بها وهي التربية وهذه الصفات من اهمها : بعض الصفات العامة للتربية

يتضمن اغلب التعلم الانساني الواعي عمليات ثلاث وهي الاستماع والملاحظة والاداء ويقرا الاطفال في التربية الغربية المعاصرة اكثر مما يلاحظون او يستمعون ، كما نجد ان المدراس الامريكية تعتمد على حد كبير إلى التعلم عن طريق الاسئلة والاجابات وتشجع الطفل على التعلم الذاتي على الشرط الا تستخدم كوسيلة للمراجعة وحسب اما الصينيون فانهم من المتوقع انهم يتعلمون غالبا عن طريق الملاحظة ، وتستخدم جميع الثقافات الثواب والعقاب لتشجيع التعلم وتقويم السلوك المعيب ويتفاوت ما بين التفريط والتقدير إلى تقديم الجوائز ، اما العقاب فقد يكون بالسخرية إلى تقييد الحرية والالم البدني ، وغالبا ما تسيطر الجماعة القوية في ثقافة ما على تنظيم النظام التعليمي لتقوية مركزها ويختلف مركز المعلم الاجتماعي وفقا لاحترام مجتمعه للمعرفة ، وتقدر المجتمعات اليابانية والصينية وتبجل المعرفة وبالمثل المعلمين اكثر ما يفعل الاوربيون والامريكيون   , ونلاحظ ان كل المجتمعات تمنع عن اطفالها بعض المعلومات الحرجة  فتتمسك قبائل ( شاجا) مثلا بتفوق الذكور بأن يقولوا للبنات بأن الرجال لا يتبرزون بينما تقول ( الهوني ) لأطفالها ان راقص ( الكاتسينا ) ليسوا ابطالات بل الهة , وغالبا ما تسيطر الجماعة .

 

المقارنة بين المجتمعات البدائية والحديثة : يرى فلاسفة عصر التنور ان المجتمعات البدائية كانت بداية للإنسان في حاله حياته الطبيعية قبل قيام الحكومة المدنية , اما علماء الانسان في القران التاسع عشر فيرون ان هذه المجتمعات تعتبر اول نماذج للمؤسسات الحديثة , اما في المجتمعات الصناعية الحديثة حيث التعقيد والتخصص وكثافة السكان , فقد تراكما قدر عظيم من المعلومات بحيث يجهل كثير من الناس بوجود علوم مثل الفيسيولوجيا العصبية او علم مشكلات الضبط الذاتي , وقد عبر عن ذلك جولس هنري .

 ان تعقد الثقافات المعاصرة ذاته يميل الى جعلها اقل حساسية من المجتمعات البدائية بالنسبة لتأثير العواطف الجماهيرية , فتبدو القبيلة البدائية لكثير من الغربيين كأنما هي في طفولتها  وذلك لسرعة تقبلها العاطفي . وتعتبر الاسرة في المجتمعات الحديثة هي الوحدة او النواة , وتتألف من الزوجين وأطفالهما الى ان تلك الوحدة في اغلب المجتمعات البدائية هي الاسرة الممتدة او جماعة الاقراب , ويوجد الفرد في القبائل البدوية كعضو في مجتمعة الذي يتشكل مع النظام الثابت للأشياء , وبينما يشترك جميع اعضاء المجتمع البدائي تقريبا من نفس الافتراضات فأنه من الممكن ان يختلف الناس في مجتمع متقدم حول قضايا عظيمة دون ان تتحطم وحده الثقافة كلها . ويتغلل العمل في حياة البدائي اكثر من ما يتغلل في العامل الحديث , فالعمل لا يربط افراد القبيلة معا  خلال اداء الواجبات ذات المغزى الاجتماعي , ولما كان المجتمع البدائي يعدد احكامه على كل شيء وفق لمبادئ موضوعه فأنه يميل للتغير التدريجي , ولهذا قد يبدو أي تحوير طفيف في التقاليد في خطوات الرقص او  الزينة مثلا , وفقا للرأي الغربي عاديا  ويبدو تغيرا  ثوريا من نظر البدائي .

 

المقارنة بين التربية الحديثة والتربية البدائية: يسهم الطفل البدائي بشكل فعال بالحياة الاجتماعية بعكس الطفل العصري اذ ينتظر منذ صغره ان يتحمل مسؤوليات تتناسب مع قوته وتجربته بصفة خاصة قيامه بمساعدة اسرته بكسب معيشتها .

تشمل ما المصادر الرسمية للتربية والثقافات البدائية : الاسرة والاقارب وحفلات الانتساب ( للتدشين ) ولقد جاءت المدرسة مؤخرا في تاريخ التربية ولم تزد اطلاقا في بعض الثقافات الا ان ظروفا متنوعة  قد اقتضت ايجاد المدرسة مثل:

أ- تطور النظم الدينية

ب- النمو الداخلي والغزو الخارجي مما يتطلب اعداد مديرين مدنين وعسكريين

ج- تقسيم العمل استدعى تعليم بعض الفنون الصناعية , بينما كانت له ضرورة في المجتمعات الصناعية لاحتياجها الى تعليم اساس كأساس لاكتساب المهارات المهنية.

د-الصراعات الاجتماعية الداخلية وتهديدها للقيم التقليدية والمعتقدات

وهناك عوامل كثيرة تتصل بمفهوم الميول , اذ نلاحظ ان ميل الطفل البدائي الى اشياء تتصل اتصالا واضحا ووثيقا به لم يعد ممكنا للتلميذ الحديث , ولا نجد في المجتمع البدائي من يتخصص في التدريس, فكبار الست يعلمون صغار اقاربهم ان كان ذلك في حدود معينة , ويمارس المدرسون البدائيون ما يعلمونه فالصيادون يعلمون رمي الرمح والسهام والفلاحون يعلمون الزراعة وهكذا , زد على ذلك ان المدرس البدائي ملتزم تماما ليس فقط امام تلميذه الذي قد تربطه به صلة القرابة بل هو كذلك مسؤول عن نتائج تدريسه , ويتم التعليم والتعلم في المجتمع البدائي بصورة سهلة لان اداة التعليم في متناول الفرد سواء كان ذلك رمحا او محراثا او قناعا للاحتفال .

 وتتسبب ضخامة المعرفة وتعقد المهارات اللازمة للحياة الثقافية في طول الزمن اللازم للتربية , والمجتمع العصري يعلم اطفاله قدرا اكثر من المعارف مما في المجتمع البدائي , ويستخدم انواع من الطرق في التدريس ويقضي وقت اكبر في التعليم الرسمي .

ومن اسباب دراستنا لأساليب التربية في الثقافات البدائية هو ان يكون لدينا نظرة سليمة وناقدة لنظامنا التعليمي ومن الواضح صعوبة زرع او نقل الاساليب البدائية الى ثقافتنا الواسعة المعقدة , ثم نتوقع الحصول على نتائج منها , اذ يدل ذلك على رغبتنا في ابعادها عن السياق الوحيد الذي  يعطي لها مدلولا مفهوما, ويجب من ناحية اخرى ان يشجعنا ما احرزه البدائيون من نجاح في تصريف بعض امور حياتهم التربوية كي نعالج مشاكلنا بنظرة وتفاؤل عظيمين , ونشير بوجه خاص المشكلة مثل ادماج الطفل في مجتمع البالغين واثارة تشويقه للتربية , وتشكل هاتان الناحيتان مع غيرهما موضوع الفصل التالي.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

من أنا

طالبات ماجستير تخصص مناهج وطرق تدريس الحاسب الالي